
فإن الإحباط هو ذلك الشعور الذي يتسرب إلى داخلنا من دون أن نشعر، يفل من عزيمتنا ويقضي على طموحاتنا، ورغبتنا في النجاح، والتطور والعمل . . وإنني أكاد أجزم أن تلك الآفة تصيب الإنسان وحده من دون المخلوقات الأخرى، فهو الذي تعتريه تلك المشاعر المقيتة، فإذا خبا الأمل وذوى الطموح وضاعت الهمة فذلك هو الموت النفسي الحقيقي للإنسان، وإذا تمكن الإحباط واليأس من شخص أحكم قبضته عليه، وأوصد في وجهه الأبواب، وأظلم عقله وبصيرته، ربما يودي به إلى التخلص من حياته .
يروى أن رجلاً كان لديه حصان يحبه كثيراً، ولكن الحصان صار مريضاً، فأراد الرجل أن يتخلص منه فحفر له حفرة كبيرة . . وأسقطه فيها، وبدأ يهيل عليه التراب ليدفنه، دفعة . . دفعة . . وعندما أنهى الرجل مهمته وهمّ بالانصراف، نظر خلفه فوجد الحصان يخرج من الحفرة وهو ينفض التراب عن نفسه . . وعجب الرجل من ذلك لكنه أدرك أن التراب الذي أراد أن يدفن به حصانه هو ذاته الذي وضعه الحصان تحت أقدامه ليرتفع ويصل إلى فوهة الحفرة ويخرج منها . . لكن ليس التراب وحده هو الذي أنقذ الحصان المريض من الموت بل إنه الأمل في الحياة وليس اليأس من صاحبه .
فمعلوم أن لكل شئ فضيلة، وفضيلة العقل هي التفكير والإبداع، وفضيلة اللسان هي الكلام والتواصل مع الآخرين، وفضيلة اليد هي العمل . . فما قيمة العقل إذا كان فارغاً بلا حكمة أو بصيرة، وما فائدة اللسان إذا كان يقطر سماً يسكبه في آذان الآخرين . . إن هذه المنح زودنا الله بها لننجح في الحياة وننتصر على اليأس والإحباط، فمنا من يجيد استخدامها، وآخرون لا يشعرون بها .
ليس هناك علاج للإحباط أقوى وأمضى من التسلح بالأمل والتمسك بالهدف، فالأمل أن ترى الحياة من ثقب الإبرة، أي من أضيق مكان ورغم ذلك تسعى للخروج من تلك المساحة الضيقة . . فإذا أردت أن تحيا بلا أمل فعش، ولكن بلا حياة .
|